الجمعة، 18 نوفمبر 2011

رسالة أمل

أزفون 22 ذو الحجة 1432هـ الموافق ل18/11/2011 
كتبها عبد الواحد رحماني
  "
"هناك أختياران مبدئيان في الحياة :إما أن تتقبل الوضع الحالي كما هي، أو تتقبل مسؤولية تغيير هذا الوضع"د دينيس ويتلي
شباب يفضل أن يموت في قاع البحر ويكون طعما للأسماك على أن يبقى في بلده؟ و  آخر مهما كان مستواه التعليمي  يصب البنزين في جسده ثم يشعل النار فيه؟ و ثالث يشنق نفسه وهو في كامل قواه العقلية؟ ورابع يتبع طريق المخدرات ويدمن عليها؟ وخامس   يومياته كلها ترف وانغماس في متاع الدنيا وملذاتها دون أن يكون له هدف في حياته، لا هم له سوى إشباع رغباته الحيوانية فتمر الأيام والسنوات دون أن يكون له ذكر عند الناس؟ 
هي يوميات الجزائري بلد الخيرات والإمكانيات...هل أصبحت هذه الخيرات والنعم نقمة علينا؟ عجبا أين الخلل؟ من السبب؟ من المسؤول على هذه التراجيدية اليومية التي يعيشها شبابنا وشاباتنا؟
لا أريد أن القي اللوم على الآخرين رغم أن مسؤوليتهم كبيرة 
،وخاصة الحكومات التي تعاقبت منذ الاستقلال ، وفشلت في إيجاد الحلول اللازمة لمشاكل الجزائريين، وتبين إفلاسها ، مما أسس لنظام الفوضى العارمة التي أصابت مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطن الجزائري...لقد أزالوا كل القواعد والأسس  والقيم التي يبنى عليها أي مجتمع عصري، فهي اليوم فوضى نظرية تتجلى في التخبط الفكري والإيديولوجي الذي يعيشه الرأي العام الوطني بصرف النظر عن اختلاف تياراته الإيديولوجية. وهي فوضى دينية تظهر عبر التأويلات والصراعات والاجتهادات المتناقضة والمختلفة التي تتقاذف الجماعات الإسلامية. وفوضى سياسية تبرزها التوترات والصراعات والنزاعات، و تنامي مختلف أشكال  العنف في الشارع الجزائري، من دون أن تكون هناك آليات معروفة ومقبولة لامتصاص الصدمات وتسهيل التوصل إلى تسويات مقبولة بين المصالح والجماعات المتنازعة. وفوضى اقتصادية يعكسها هذا التفسخ في مشاريعنا الاقتصادية في القطاع العام أو الخاص على السواء...وفوضى ثقافية عارمة أحرقت كل ما هو إنتاج ثقافي جزائري أصيل وتعويضه بالرداءة التي لا علاقة لها بالإنتاج الثقافي مدمرا القيم والأخلاق .فنحن  نفتقر إلى  خطة وسياسات ثقافية ناجعة وفعالة تبني الإنسان الجزائري القادر على الإبداع في جميع المجالات  وتشعره بدوره المتميز في تطوير الجانب المعرفي والثقافي الإنساني.
هذه الفوضى والتي خطط لها من النخب الحاكمة والتي تحالفت مع القوى الغربية ذات المصالح الكبرى في الجزائر،ترتب عنها يأس وقنوط من اغلب الطبقات الشعبية والتي زادتها الأمراض الاجتماعية  التقليدية من الفقر والجوع والجهل حدة.. ودفعت بهم إلى اتخاذ  السلوكيات المذكورة في أول المقال.
قلت اللوم ليس على هؤلاء فقط، فهناك مسؤولية النخب الفكرية والمثقفة كذلك التي لم تعرف كيف تنسجم مع آمال الطبقات الشعبية وأحلامهم، هي نخب المكاتب لم تشارك هذه الجماهير حياتها وآلامها..كانت بعيدة كل البعد عنهم، حتى أن إنتاجهم الفكري إن كان لها طبعا إنتاج كان موجها للنخب الخاصة..لهذا لم تستطع أن تفسر الكثير من الأحداث الخطيرة والصدمات المتنوعة التي كادت أن تعصف بالبلد، كما أنها فشلت في تغيير الأوضاع وقد لخص أحد الشباب غير المتعلم في تلك المسيرات المعروفة بمسيرة السبت التي أراد أصحابها ركب موجة الثورات العربية والتي أشار إليها أحد المقالات في جريدة الخبر الجزائرية  قائلا لمنظمي هذه المسيرات بأن التغيير في الجزائر لا يمكن له أن يحدث بأيدي المتعلمين والمثقفين  بل التغيير سيكون بهؤلاء الشباب المتسكع غير المثقف؟ 
هذه هي مصيبة البلد؟  ....                  
إلى جانب هؤلاء ، هناك مسؤولية الفرد الجزائري الذي قبل أن يهان في بلده...فاللجوء إلى الحراقة والانتحار والمخدرات والانغماس في الملذات دليل الضعف والوهن الذي أصاب الجزائري في نفسه...لقد فتح المجال للآخرين، أصحاب المصالح، أن يسجنوه في دائرة اليأس والقنوط، وأن يشعروه أن قدره هو هذا، حتى صدق بهذا ، فتحطمت أحلامه وآماله في حياة كريمة وفقد الثقة بنفسه وبقدراته وتشاءم من مستقبله، فاختار الهروب والاستسلام  وقبول الأمر الواقع على أنه قضاء وقدر. .
هذه رسالة أمل لهؤلاء، اعلم أن حياتك من صنعك أنت وحدك، عندما ترفض في عالمك الداخلي كل أشكال الاستغلال والذل والعبودية للآخرين، عندما تتيقن أن مصيرك بيدك وحدك، وعندما تبدأ بتغيير أحوالك بتغيير أفكارك وتصوراتك وأحاسيسك هناك فقط سيغير الله أحوالك..
قال احدهم يا شيخ أنت  متفائل كثيرا،أنت ما تفتأ تذكرنا بهذا..الواقع شيء و ما تقوله أمر آخر ، إنك تحدثنا بما تريد أن يكون وليس ما هو كائن حقا، كيف تريد إن تغير واقعا مأساويا كواقعنا، ورقاب الناس بين أيدي ظالمة لا تعرف إلا ولا ذمة..،  إنك يا شيخنا إنسان طيب مثالي لا تعرف الواقع جيدا. .
إني أشعر جيدا بهذا وبأمثاله الذين   فقدوا كل أمل في التغيير الإيجابي، والذين فقدوا الثقة في كل النخب السياسية منها والفكرية والتي تزعمت الرغبة في التغيير..ولكن لابد أن نضع أمام أعيننا بعض المسلمات حتى نصل إلى الأهداف المرجوة.
1- إن التغيير سنة ربانية في خلقه لن تجد لها تبديلا ولا تحويلا
2-أن تغيير النفس سابق عن تغيير الله لأحوالنا مصداقا لقوله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
3- التغيير مشروع ولابد له من أهداف قريبة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى ولنا في قصص الرسل والأنبياء صلوات الله تعالى عبرة، لقد تحركوا في بيئات جائرة، ظالمة، تحركها الأهواء والشهوات..فكانوا صلوات الله عليهم يبلغون وينصحون دون ملل،رغم الجحود والعذاب الذي أصابهم.
4- ما على الإنسان إلا أن يسعى ويبلغ دعوته ولا ينتظر الجزاء من أحد ولا ينتظر النتائج فهي عندما تجتمع الشروط كلها تتبعها النتائج بإذن الله تعالى. .
5-عملية التغيير هي عملية طويلة تلزمها شروط عديدة مادية ونفسية وبشرية ،ولعل من أسباب الفشل أننا نريد التغيير الجذري من الخارج تارة باستعمال العنف وتارة برفض كل ما يأتي من الآخر بمعنى أننا نريد أن نغير بعزل الآخرين واستبدال عصبة بعصبة أخرى..وهذا طبعا يولد ردة فعل قوية من الطرف الآخر خوفا من ضياع مصالحه الكثيرة والتي يعتقد أنه صاحبها بلا منازع.
6-لابد من ترتيب الأولويات في العملية التغيرية مع انسجامها للمقاصد العليا للرسالة المحمدية.وإتباع أسلوب الحكمة في التحرك.
7- البدء بالدائرة القريبة ثم الأقرب وهكذا..فلا ينبغي أن نهتم بالدوائر التي لا نتحكم فيها فذلك هدر للإمكانيات وإضعاف للفعالية...   
. .       يقول إنشتاين" يكفيني أن أكون فنانا يرسم بحرية في مخيلته، الخيال أكثر  أهمية من المعرفة، المعرفة ذات حدود.  تقف عندها، الخيال يلف العالم كله.فما يتخيله المرء ويصدقه عقل المرء منا فإنه قادر على تحقيقه كما يقول نابليون هيل.
8-التغيير الناجح يبدأ بحلم فإذا تبعته إرادة ورؤية صائبة كان النجاح أكيدا. لقد قال محمد علي كلاي يوما" الأبطال لا يصنعون في صالات التدريب، الأبطال يصنعون من أشياء عميقة  في داخلهم هي" الإرادة والحلم والرؤية"
9-لا ترتكز على الماضي، فقط استعمله للخروج بالحكمة والفائدة ثم اتركه خلفك، فلا شيء يهم في الوقت الحالي سوى ما تفعله في هذه اللحظة،من الآن فصاعدا بإمكانك أن تكون شخصا آخر مختلفا تماما مليئا بالحب والحكمة والتفاهم مادا يدك بالعون والمساعدة، متفائلا  وإيجابيا في كل خاطرة وفكرة  وعمل.







http://wwwzouaoui15.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق