السبت، 29 أكتوبر 2011

حياتك من صنع افكارك (5)

   
       في حياة كل منا ،أحلام نريد تحقيقها وأشياء نريد تغييرها أو فعلها بطريقة مختلفة. إننا مفعمون بالنوايا الطيبة،ولكننا جميعا في غاية الانشغال، والتغييرات التي نريد إجراءها تبدو ضخمة وصعبة للغاية لدرجة أننا لا نقدم أبدا على اتخاذ أي إجراء حيالها. إننا في أغلب الأحوال نقنع أنفسنا بأننا لا نمتلك الوقت الكافي أو الظروف المناسبة أو المصادر أو المال أو المهارة اللازمة من  أجل التفكير فيما نريده ناهيك عن أداء الأشياء بطريقة مختلفة.
   إننا قادرون على إحداث تغييرات في حياتنا، والسر هو أن تقوم بتقسيم الأشياء إلى خطوات صغيرة وأن تقضي دقائق كل يوم في اتخاذ الإجراءات المطلوبة للتغيير. إن المداومة على فعل القليل تعتبر أحد الأسرار الأساسية للتغيير الناجح.
  إن عملية التغيير تتضمن بشكل أساسي إحداث تغييرات وإدخال تحسينات تدريجية تنقلك من حالة إلى أخرى.
وسواء كانت التغييرات التي تحدثها بسيطة أو جوهرية، فهذا أمر يرجع إليك؛ فحتى التغييرات الصغيرة من الممكن أن يكون لها تأثير مهم على المدى الطويل! تذكر أنه يمكنك أن تأكل فيلا، ولكن قضمة بقضمة!.
نحيا حياة حقيقية إذا كان للتغييرات الصغيرة وجود فيها «ليو تولستوي
                                    كارول جازكيل
 

في عالم متغير مثل عالمنا الحالي اين تمكن الإنسان من بلوغ اعلى مراتب الرفاهية من خلال المكتسبات التكنولوجية التي بلغها والتي غيرت العديد من مظاهر حياتنا ...لقد أحدث الكمبيوتر والهاتف النقال والفاكس ومختلف وسائل الإتصال الحديثة ثورة في مجتمعاتنا وبيوتنا غير ان هذه الوسائل وحسب الدراسات النفسية والإجتماعية لم تحقق للإنسان السلام الداخلي والسكينة.! إنه غائب في حياتنا لوجود اماكن قاحلة في قلوبنا فكثيرا ما نواجه الناس بالحقد والكراهية و الخداع ...فالعنف هي السمة الرئيسية في تعاملاتنا اليومية رغم اننا نكثر الحديث عن السلام ...
لقد جاءت رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم وشعارها" السلام عليكم" ودينها يسمى الإسلام من السلام والتسليم ....قيمة فكرية استطاعت أن تشع العالم بشعاعها  وتنير القلوب وتضيئ سماء الكون بنور ابيضت به القلوب وزال الرماد عنها ...
                     
إن البحث عن السعادة وعن السلام الداخلي يحتاج إلى قيم عظمى ارشدتنا إليها الديانات وتحدث عنها المصلحون  من جميع الأمم.... ولعل قمة هذه الإرشادات وأكملها على الإطلاق ما حملها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم...لقد تبنى عن الله تعالى افكارا وقيما صنع بها حياة حسدتنا عليها الأمم لما كانت هي من يرسم الحياة العامة للمسلمين ...من خلالها صنع النبي صلى الله عليه وسلم حياة العدل والكرامة والحرية والعزة لم تكن الأمم الأخرى تعرفها من قبل ....
        ومن هاته القيم السامية.... قيمة العفو والتسامح...هي فكرة بسيطة تخلق بها الرسول صلى الله عليه وسلم وتأسى بها الصحابة رضوان الله عليهم جميعا ..كانت وحدها كفيلة أن تفتح القلوب و تشفي الجروح " اذهبوا فأنتم الطلقاء" صرخة نبوية في أعز القوة دوت اعظم بقعة في الأرض مكة ازالت عشرين سنة من الحقد والكراهية ....اللهم اغفر لقومي فإنهم قوم لا يعلمون" دعوة كان يدعوها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم  في وقت كانت الرسالة تمر بها أحلك الأحوال قالها حينما جاءه ملك لم ينزل إلى الأرض قط قبل ذلك مبديا استعداده ان يخسف بالقوم خسفا ....كان دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام يصدر من قلب نقي لا يحمل الحقد لأحد،بل يقابل سيئة قومه بالحسنة....
يقول تعالى في إشارة إلى عظمة هذا المبدأ والخلق"     وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين"  و قال تعالى : {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}  هي رسائل ربانية تعيد تشكيل  عقل المسلم وقلبه ليعيش السلام الداخلي مع نفسه ومع غيره.
       إن العبد ليجد الما كبيرا في الحقد والكراهية وحب الإنتقام ربما اشد من الألم الذي يشعر به في البداية عندما يعفو   ويسامح... فإذا طال   به الأمد  على هذه الصورة ظهرت علامات الدمار الداخلي عليه..
 لقد كانت عظمة التغيير الذي احدثه الإسلام على العباد في ظرف قصير نابع من عظمة الأفكار والتصورات والمعتقدات التي حملتها رسالته، وهنا لابد من الإشارة ونحن نعيش زمن الثورات العربية كما يطلق عليها البعض ممن تاًثر بالثورات الدموية التي حدثت في تاريخ البشرية ،ان من النتائج التي نلاحظها قد طفت على السطح ثقافة اللاتسامح عند من كان يعاني من قبل من بطش الحكام وأزلامهم...لقد اثمر الظلم والعدوان الذي غرسته هذه الأنظمة حقدا دفينا لكل من له علاقة بهؤلاء الظلمة... وعلى هذا كانت كل الثورات التي كان اساسها القوة والعنف في التغيير...بينما نجد أن سمة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم والتي يجب أن نعلمها للأجيال المسلمة ونربيها عليها ان ماكان لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن تنجح لولا الميزان الأخلاقي الذي يميز هذه الرسالة الخالدة  ليس في زمن السلم فقط بل حتى في زمن الحرب.... تعالوا معا لميراث نبينا صلى الله عليه وسلم  لنفهم اثر الأفكار في تماسك المجتمع ونحن في امس الحاجة إلى ذلك  فمما جاء عند نزول قوله تعالى "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" من سورة الأعراف يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ماهذا يا جبريل؟ قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك" إنها قوة الإسلام ، قوة افكاره وتصوراته وقيمه ...إننا معشر المسلمين ونحن نصارع من اجل إعادة المجد لامتنا أن نعزز هذه المكارم ونتيقن أن أي تغيير لا يحمل معه خلق العفو والتسامح  والإحسان لا يمكن أن ينجح...فليكن شعارنا " أن نعفو عمن ظلمنا"
فبهذا نرتقي ونبلغ اسمى المراتب. 
 ايها المسلم غير حياتك على ضوء هذه المعاني ..اصنع لك حياة تشعر فيها بالسلام الداخلي.إن حياتنا من صنع الأفكار التي نؤمن بها .فلنصنع حياة جديدة لنا نغير بها من حال أمتنا وأوطاننا... 
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفوعنا .
   http://wwwzouaoui15.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق