الأحد، 13 نوفمبر 2011

حياتك من صنع افكارك (8) : سحر قوة شبكة العلاقات الإجتماعية

أزفون يوم 17ذي الحجة الموافق ل 13 11 2011.
     قال صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه"
كثيرا ما نضع سبب تخلفنا على عوامل خارجية لنبرر فشلنا وبذلك نتهرب من مسؤولياتنا، ولا ننكر دورها في ذلك حقيقة، بل هو سبب مهم، غير أنه     ليس بالضرورة هو الوحيد في ذلك فقد يكون نقص المناعة الداخلية وبالتالي انتشار الأمراض الإجتماعية التي تنهش من جسد الامة.
ولا أعتقد أن هناك من ينكر دور النخبة في تقوية المناعة الإجتماعية،فحين تكون لها القدرة على إيجاد الحلول لمشاكل الناس وتبدع في ذلك فهي بذلك في انسجام مع هذه الطبقات العادية ، ولكن يمكن لهذه النخبة أن تكون سببا لهلاك الأمم وانتحارها  ، فحين تدخل هذه النخب المسيطرة في نزاع دائم تعجز عن الإبداع وتفقد قدرتها على خلق الحلول المناسبة لمشكلاتها الحياتية المتراكمة ، وهذا العجز يجعلها  تفقد حلقة التواصل مع الطبقات العادية ، هي إذا الآن أقلية، في المجتمع؟ هل ستتنازل على مكانتها السابقة، طبعا لا فهي تؤمن أن ما وصلت إليها من مكانة هي نتاج تضحياتها وحدها دون غيرها ، ولذا تسعى لاجل الحفاظ على إنجازاتها بكل الطرق ولو كان ذلك باستعمال القوة ضد كل من يزاحمها ويشكل خطرا على وجودها وضد كل منطق وحق...هذاالوضع يدفع بالطبقة البسيطة إلى الإنحلال اولا ثم دعوة الأجنبي وقبول حكمه ثانيا ..وها هي شعوب الثورات الربيع العربي وخاصة في اليمن وليبيا وسوريا أين بلغ صراع النخب الفكرية والسياسية التي هي في الأصل قوى إبداع وتجديد وخلق الحلول اللازمة لمشاكل المجتمع الكثيرة إلى الطريق المسدود وأصبح اسلوب العنف هو المتبع عند هذه النخب، فما كان للشعوب البسيطة والمقهورة إلا أن تقبل بحكم المستعمر القديم وتدعوها للتدخل لحمايتها...أنه عهد الحماية الغربية من جديد
مجازر فرنسا في الجزائر ، فرنسا الأخوة والحرية والعدالة وحقوق الإنسان التي يهتف باسمها الكثير من الدول العربية

..
إن الإيمان بالطرف الآخر المخالف له فكريا وايديولوجيا هي أخطر معضلة تعاني منها الشعوب العربية خاصة...فكل طرف فكري يرفض الطرف الآخر ولا يقبله، وهنا يكمن الخطر الأساسي تقوقع على الذات ورفض مطلق للموروث الثقافي والفكري للآخرمما خلق غياب الإنسجام داخل النخب هذه فترتب عنه تفكك شبكة العلاقات الإجتماعية وطول الهوة بينها وبين الشعوب البسيطة..
 لقد ترك لنا نبينا صلى الله عليه وسلم رسالة تحمل مسوغات وجودنا هي كفيلة أن تضعنا في مقدمة الأمم..ان تجعلنا حقا كما وصف المولى عز وجل هذه الأمة أنها أمة شهادة وأمة وسط ...امة شهادة على الأمم الأخرى ، وامة وسط في امتلاكها المنهج الوسط الذي يمس حاجيات الأفراد والمجتمعات على السواء...رسالة تعمل على خلق الإنسجام بين القيادة والرعية، بين النخب المبدعة وبين الطبقة العادية...وهو الإطار الأنسب لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الحياتية، إطار تعاوني منسجم كفيل بأن يساعد على الرفاهية والحياة الآمنة التي يرجوها كل فرد..


لقد علمتنا سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحداث سواء ما كان بين المسلمين فيما بينهم أو ما كان بين المسلمين والمشركين او من أهل الكتاب كما كان في وثيقة المدينة التي تعد حقيقة  إعلان عالمي ينظم العلاقات بين افراد الوطن الواحد بجميع مكوناته، وعلى المسلمين أن يظهروا مدى رقي تلك المبادئ في زمن  القوة هي الطاغية في جميع مناحي الحياة.علمتنا ان التعاون بين عناصر الوطن الواحد لابد أن يكون في إطار قبول الآخر واحترام فكره، فهو يؤكد أن لا أحد يمتلك الحقيقةكاملة لوحده، ومن أخطر الأمور على المستوى الفكري أن يدعي أحدنا العصمة.قال تعالى موجها أمة القرآن إلى هذا السلوك الحضاري" وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" هذا النموذج الرباني لإحترام الآخر ومهما كانت قناعاته الفكرية والإيديولوجية ، ناهيا عن تحقير وتسفيه الآخر لمجرد مخالفته لقناعاتنا وأفكارنا قال تعالى " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم، كذلك زينا لكل أمة عملها" ..
وللأسف الشديد ، أن هذه المعاني القرآنية غائبة عند النخب الإسلامية مما تولد عنه عزوف الناس إلى استراد نفس المعاني في إطارها الغربي .
إن أوطاننا تواجه تحديات كبرى وخطيرة على مختلف الأصعدة، ولعل أخطرها ما كان على مستوى قيمه وأخلاقه..وهو المجال الذي يستغله الغرب الإستعماري للعودة إلى مستعمراته ..ومستقبلنا مرهون بمدى قدرتنا على مواجهة هذه التحديات، والعمل على بناء بديل قيمي وثقافي يعيد لنا ذاتيتنا وشخصيتنا عوضا عما يخطط له الغرب الإستعماري.
  وفي هذا نحتاج إلى مؤسسات مهمتها نقد الذات قبل نقد الآخر، والبحث عن أرضية مشتركة مع المجموعات الفكرية المخالفة لنا في المنهج والتعايش معها حتى نضمن سلامة الأوطان والاملاك والأشخاص..   
        http://wwwzouaoui15.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق